فصل: سنة تسع وأربعين ومائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ثم دخلت سنة ثمان وأربعين ومائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ توجيه المنصور حميد بن قحطبة إلى أرمينية لحرب الترك الذين قتلوا حرببن عبد الله وعاثوا بتفليس فسار فوجدهم قد ارتحلوا فانصرف ولم يلق منهم أحدًا‏.‏ وفيها‏:‏

عسكر صالح بن علي بدابق ولم يغز‏.‏ وفيها‏:‏ خرج الهند من البحر فأتوا دجلة البصرة‏.‏ وفيها‏:‏

حج بالناس جعفر بن أبي جعفر المنصور وكان عمال الأمصار في هذه السنة عمالها في السنة

التي قبلها‏.‏

 ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب

أبو عبد الله جعفر الصادق‏.‏ أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر‏.‏ كان عالماُ زاهدًا

عابدًا أسند عن أبيه وعطاء وعكرمة‏.‏ حدثنا محمد بن أبي القاسم قال‏:‏ أخبرنا حمد بن أحمد

قال‏:‏ حدثنا أبو نعيم الأصفهاني قال‏:‏ حدثنا أبي قال‏:‏ حدثنا أبو الحسن بن أبان قال‏:‏ حدثنا أبوبكر بن عبد الله قال‏:‏ حدثنا الوليد بن شجاع قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن أعين عن يحيى بن الفرات

قال‏:‏ قال جعفر بن محمد بن لسفيان الثوري‏.‏ لا يتم المعروف إلا بثلاثة‏:‏ تعجيله وتصغيره

وستره‏.‏ أخبرنا محمد بن القاسم قال‏:‏ حدثنا حمد بن أحمد قال‏:‏ حدثنا أحمد بن عبد الله

الحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم قال‏:‏ حدثني أبو الحسن بن الحسينالكاتب قال‏:‏ حدثني أبي قال‏:‏ حدثني الهيثم قال‏:‏ حدثني بعض أصحاب جعفر الصادق قال‏:‏

دخلت على جعفر وموسى بين يديه وهو يوصيه بهذه الوصية فكان مما حفظت منها أن قال‏:‏ يا

بني إنه من قنع بما قسم له استغنى ومن مد عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرًا ومن لم يرض

بما قسم الله له اتهم الله في قضائه ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه‏.‏ يا بني منكشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته ومن سل سيف البغي قتل به ومن احتفر لأخيه

بئرًا سقط فيها ومن داخل السفهاء حقر ومن خالط العلماء وقر ون دخل مداخل السوء

اتهم‏.‏ يا بني قل الحق لك وعليك وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال‏.‏ يا بنيإذا طلبت الجود فعليك بمعادنه‏.‏ أخبرنا محمد بن ناصر قال‏:‏ أنبأنا عبد المحسن بن محمد قال‏:‏

حدثنا مسعود بن ناصر السجستاني قال‏:‏ أخبرنا سعيد بن أبي عمرو البحتري قال‏:‏ سمعت أباالحسن علي بن محمد بن عبيدة يقول‏:‏ سمعت أحمد بن سهل البخاري يقول‏:‏ سمعت صالح بن

محمد يقول‏:‏ سمعت أحمد بن عبيدة يقول‏:‏ سمعت محمد بن يوسف يقول‏:‏ سمعت الثوري يقةل‏:‏

دخلت على جعفر بن محمد الصادق فقلت له‏:‏ يا ابن رسول الله مالي أراك قد اعتزلت عن

الناس قال‏:‏ يا سفيان فسد الزمان وتغير الإخوان فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد ثم أنشأ

يقول‏:‏

يفشون بينهم المودة والصفا** وقلوبهم محشوة بعقارب

سليمان بن مهران أبو محمد الأعمش

مولى بني كاهل‏.‏ أصله من طبرستان من قرية يقال لها‏:‏ دياوند‏.‏ ولد يوم قتل الحسين يوم

عاشوراء سنة إحدى وستين وسكن الكوفة ورأى أنس بن مالك ولم يسمع منه‏.‏ ورأى أبا

بكرة الثقفي وأخذ بركابه فقال له‏:‏ يا بني إنما أكرمت ربك عز وجل‏.‏ وسمع المغرور بن سويد

وأبا وائل إبراهيم التيمي وسفيان الثوري وغيرهم وكان من أقرأ الناس للقرآن وأعرفهمبالفرائض وأحفظهم للحديث وأوثقهم‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي

بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا ابن رزق قال‏:‏ أخبرنا عمر بن أحمد قال‏:‏ حدثنا حنبل بن إسحاق قال‏:‏حدثنا محمد بن داود قال‏:‏ حدثنا عيسى بن يونس قال‏:‏ لم نر نحن ولا القرآن الذين كانوا قبلنا مثل الأعمش وما رأيت الأغنياء والسلاطين عند أحد أحقر منهم عن الأعمش مع فقرهوحاجته‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرني عبد الله بن أبي

بكر بن شاذان قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن محمد بن الجهم قال‏:‏ أخبرنا محمد بن جرير قال‏:‏حدثنا أبو هشام قال‏:‏ سمعت عمي يقول‏:‏ قال عيسى بن موسى لابن أبي ليلى‏:‏ اجمع الفقهاء‏.‏

قال‏:‏ فجمعتهم فجاء الأعمش في جبة فرو وقد ربط وسطه بشريط فأبطأوا فقام الأعمشفقال‏:‏ إن أردتم أن تعطونا شيئًا وإلا فخلوا سبيلنا‏.‏ فقال‏:‏ يا ابن أبي ليلى قلت لك تأتي بالفقهاء تجيء بهذا‏!‏ قال‏:‏ هذا سيدنا هذا الأعمش‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت بإسناد له عن وكيع قال‏:‏ كان الأعمش قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى واختلف إليه قريبًا من سنتين فما رأيته يقضي ركعة‏.‏ أخبرنا محمد بن ناصر قال‏:‏ أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال‏:‏ أخبرنا أبو بمر المنكدري قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسن بن الصلت قال‏:‏ أخبرنا محمد بن القاسم الأنباري قال‏:‏ حدثني ابن المرزبان قال‏:‏ حدثنا أبو محمد البلخي قال‏:‏ حدثنا محمد بن حميد قال‏:‏ حدثنا جرير قال‏:‏ جئنا الأعمش يومًا فوجدناه قاعدًا في ناحية فجلسنا في ناحية أخرى وفي الموضع خليج من ماء المطر فجاء رجل عليه سواد فلما بصر بالأعمش عليه فروة حقيرة قال‏:‏ قم عبرني هذا الخليج‏.‏ وجذب بيده فأقامه وركبه وقال‏:‏ ‏{‏سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين‏}‏ فمضى به الأعمش حتى توسط به الخليج ثم رمى به وقال‏:‏ ‏{‏وقل ربي أنزلني منزلًا مباركًا وأنت خير المنزلين‏}‏ ثم خرج وترك المسود يتخبط في الماء‏.‏ قال سلم بن إبراهيم‏:‏ سمعت شعبة يقول‏:‏ كان الأعمش إذا رأى ثقيلًا قال له‏:‏ كم عرضك تقيم في هذه البلدة‏.‏ قال الربيع بن نافع‏:‏ كنا نجلس إلى الأعمش فيقول‏:‏ في السماء غيم‏.‏ يعني ها هنا من نكره‏.‏ أخبرنا ابن ناصر بإسناد له عن إسماعيل بن زياد قال‏:‏ نشزت على الأعمش امرأته وكان يأتيه رجل يقال له‏:‏ أبو البلاد مكفوف فصيح يتكلم بالإعراب يتطلب الحديث منه فقال له‏:‏ يا أبا البلاد إن امرأتي قد نشزت علي وضيعت بيتي وغمتني فأنا أحب أن تدخل عليها فتخبرها بمكاني من الناس وموضعي عندهم‏.‏ فدخل عليها فقال‏:‏ يا هنياه إن الله قد أحسن قسمك هذا شيخنا وسيدنا وعنه نأخذ أصل ديننا وحلالنا وحرامنا لا يغرنك عموشة عينيه ولا خموشة ساقيه فغضب الأعمش وقال‏:‏ يا أعمى يا خبيث أعمى اله قلبك قد أخبرتها بعيوبي كلها اخرج من بيتي‏.‏ فأخرجه من بيته‏.‏ عن الحسن بن يحيى بن آدم قال‏:‏ حدثتني أمي قالت‏:‏ لم تكن بالكوفة امرأة أجمل من امرأة الأعمش فابتليت بالأعمش وبقبح وجهه وسوء خلقه‏.‏ توفي الأعمش في ربيع الأول من هذه السنة وهو ابن ثمان وثمانين سنة‏.‏ وقيل‏:‏ توفي سنة سبع‏.‏

عمار بن سعد السلهمي يروي عنه عطاء بن دينار وحيوة بن شريح وكان فاضلًا كان يقول‏:‏ من تخايل الثواب خف عليه العمل وما لاءم القلب خف على الجسد ولسان الحكيم في قلبه و قلب الأحمق في طرف لسانه ما خطر على قلبه نطق به‏.‏

محمد بن عجلان مولى فاطمة بنت الوليد بن عتبة يكنى أبا عبد الله‏:‏ وكان ثقة كثير الحديث روى عنه حيوةبن شريح والليث وغيرهما‏.‏ وكان يخضب بالصفرة‏.‏ توفي في هذه السنة‏.‏ أخبرنا أبو المنصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا أبو محمد الخلال قال‏:‏ حدثنا أحمد بن إبراهيم قال‏:‏ حدثنا عبد العزيز بن أحمد الغافقي قال‏:‏ سمعت عياش بن نصر البغدادي يقول‏:‏ سمعت صفوان بن عيسى يقول‏:‏ مكث محمد بن عجلان في بطن أمه ثلاث سنين فشق بطن أمه فأخرج وقد نبتت أسنانه‏.‏ أخبرنا أحمد بن عبد الباقي بإسناد له عن محمد بن عمر قال‏:‏ خرج محمد بن عجلان مع محمد بن عبد الله بن حسين حتى خرج بالمدينة فلما قتل وولي جعفر بن سليمان المدينة بعث إلى محمد بن عجلان فأتى به فبكته وكلمه كلامًا شديدًا وقال له‏:‏ خرجت مع الكلاب‏.‏ وأمر بقطع يده‏.‏ فلم يتكلم إلا أنه يحرك شفتيه بشيء لا ندري ما هو يظن أنه يدعو‏.‏ قال‏:‏ فقام من حضر جعفر بن سليمان من فقهاء المدينة وأشرافهم‏.‏ فقالوا‏:‏ أصلح الله الأمير محمد بن عجلان فقيه أهل المدينة وعابدها وإنما شبه عليه فظن أنه المهدي الذي جاءت فيه الرواية فلم يزالون يشفعون له حتى تركه‏.‏ فولى محمد بن عجلان منصرفًا لم يتكلم بكلمة إلى منزله‏.‏

 سنة تسع وأربعين ومائة

فمن الحوادث فيها

غزو العباس بن محمد الصائفة أرض الروم ومعه الحسن بن قحطبة ومحمد بن الأشعث فهلك ابن الأشعث في الطريق‏.‏ وفيها‏:‏ استتم المنصور جميع ما أراد من البناء ببغداد واستتم حائط بغداد‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا محمد بن علي الوارق قال‏:‏ أخبرنا محمد بن جعفر النحوي قال‏:‏ حدثنا محمد بن الحسن السكوني قال‏:‏ قال محمد بن خلف‏:‏ أنبأني محمد بن موسى القيسي عن محمد بن موسى الخوارزمي‏:‏ أن أبا جعفر تحول من الهاشمية إلى بغداد ونزلها مع جنده وسماها‏:‏ مدينة السلام واستتم حائط بغداد وجميع عملها بعد مائة سنة وثمان وأربعين وستة أشهر وأربعة أيام من الهجرة‏.‏ وفي هذه السنة‏:‏ شخص المنصور إلى مدينة الموصل ثم عاد إلى مدينة السلام‏.‏ وعزل السري بن عبد الله عن مكة والطائف وولاها محمد بن إبراهيم بن محمد‏.‏ وفيها‏:‏ حج بالناس محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس‏.‏ وكانت العمال التي في الأمصار في هذه السنة هم العمال في السنة التي قبلها غير مكة.  ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

الحسن بن يزيد أبو يونس العجلي القوي

سمع من أبي سلمة وسعيد بن جبير ومجاهد‏.‏ أخبرنا ابن الناصر قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عليبن ميمون قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن محمد بن رجاء قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله الجعفي قال‏:‏

حدثنا جعفر بن أحمد بن كعب قال‏:‏ حدثنا علي بن كعب قال‏:‏ حدثنا إسماعيل بن زياد قال‏:‏إنما سمي أبو يونس‏:‏ القوي لقوته على العبادة صلى حتى أقعد وبكى حتى عمي وصام حتىصار كالحشفة‏.‏

زكريا بن أبي زائدة أبو يحيى الهمداني

سمع الشعبي وأبا إسحاق‏.‏ روى الثوري ووكيع‏.‏

سالم بن قتيبة

كان أمير كبيرًا غزير العقل حسن المحضر وولاه المنصور البصرة ثم عزله‏.‏ عن أبي المعلى

الثقفي يقول‏:‏ جرى ذكر رجلٍ في مجلس سالم بن قتيبة فتناوله بعض أهل المجلس فقال‏:‏ يا هذا

أوحشتنا من نفسك وآنستنا من مودتك ودللتنا على عورتك‏.‏ قال الأصمعي‏:‏ أتى أهلنا سالم

بن قتيبة في حاجة فقالوا له‏:‏ جئناك فيما لا يرزأك ولا ينكأك‏.‏ فقال‏:‏ لا جاء الله بكم إذن فلم

جئتموني عليكم بلئام الناس‏.‏ توفي سالم في هذه السنة وصلى عليه المهدي‏.‏عمران بن حرير أبو عبيدة السدوسي البصري

سمع عكرمة وأبا مجلذ‏.‏ وسمع منه‏:‏ شعبة ووكيع‏.‏ وتوفي في هذه السنة‏.‏

عيسى بن عمرو الثقفي النحوي

كان فاضلاُ غاية في النحو صنف كتبًا حساناُ‏.‏كرز بن وبرة

كوفي الأصل سكن جرجان أسند عن طاووس وعطاء والربيع بن خثيم وغيرهم‏.‏ وكان

متعبدًا‏.‏ أخبرنا ابن الناصر قال‏:‏ أخبرنا أبو الفضل بن أحمد قال‏:‏ أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن مالك قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال‏:‏ حدثني شريح بن يونس قال‏:‏ حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان عن أبيه قال‏:‏ دخلت على كرز بن وبرة بيته وإذا عند مصلاه حفرة قد ملأها تبنًا وبسط عليها كساء من طول القيام‏.‏ وكان يقرأ في اليوم والليلة

القرآن ثلاث مرات‏.‏ قال أبو نعيم‏:‏ وحدثنا محمد بن حيان قال‏:‏ حدثنا أحمد بن الحسين الحذاء

قال‏:‏ حدثنا محمد بن إبراهيم الدورقي قال‏:‏ حدثنا خرير بن زناد الحارثي عن شجاع بنصبيح مولى كرز بن وبرة قال‏:‏ أخبرني أبو سليمان المكتب قال‏:‏ صحبت كرزًا إلى مكة وكان إذا نزل أدرج ثيابه فألقاها على الرجل ثم تنحى للصلاة فإذا سمع رغاء الإبل أقبل فاحتبس

يومًا عن الوقت فانبثت أصحابه في طلبه‏.‏ فكنت فيمن طلبه‏.‏ قال‏:‏ فأصبته في وهدة يصلي في

ساعة حارة قلت‏:‏ وما حاجتك قال‏:‏ أحب أن تكتم علي ما رأيت‏.‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ ذاك لك‏:‏

أوثق لي‏.‏ فحلفت لا أخبر به أحدًا حتى يموت‏.‏

كهمس بن الحسن أبو عبد الله القيسيكان متعدًا ورعًا يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة ويقول لنفسه‏:‏ قومي يا مأوى كل سوء فو

الله ما رضيتك لله ساعة قط‏.‏ عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال‏:‏ حدثني أحمد بن إبراهيمقال‏:‏ حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال‏:‏ حدثنا عمارة بن زادان قال‏:‏ قال لي كهمس‏:‏ يا أبا سلمة

أذنبت ذنبًا فأنا أبكي عليه أربعين سنة‏.‏ قلت‏:‏ ما هو يا أبا عبد الله‏.‏ قال‏:‏ زارني أخٌ لي فاشتريت له سمكًا بدانق فلما أكل قمت إلى حائط جار لي فأخذت منه قطعة طين فغسل بها يده فأنا أبكي عليه منذ أربعين سنة‏.‏عابد علوي مديني

أخبرنا المحمدان‏:‏ ابن عبد الملك وابن ناصر قالا‏:‏ أخبرنا أحمد بن خيرون قال‏:‏ أخبرنا عبد العزيز بن علي الوارق قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الواحد الكتاني قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن محمد الأنصاري قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن العلاء قال‏:‏ حدثني أبي قال‏:‏ سمعت أبا عامر الواعظ يقول‏:‏ بينا أنا جالس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءني غلام أسود برقعة فقرأتها فإذا فيها مكتوب‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏

متعك الله بمسامرة الفكرة ونعمك بمؤانسة العبرة وأفردك بحب الخلوة يا أبا عامر أنا رجل من

إخوانك بلغني قدومك المدينة فسررت بذلك وأحببت زيارتك وبي من الشوق إلى مجالستك

والاستماع لمحادثتك ما لو كان فوقي لأظلني ولو كان تحتي لأقلني سألتك بالذي حباك بالبلاغةلما ألحقتني جناح التوصل من زيارتك‏.‏ والسلام‏.‏ قال أبو عامر‏:‏ فقمت مع الرسول حتى أتى بي إلى فناء فأدخلني منزلًا رحبًا خربًا‏.‏ فقال لي‏:‏ قف ها هنا حتى أستأذن لك‏.‏ فوقف فخرج

إلي فقال لي‏:‏ لج‏.‏ فدخلت فإذا بيت مفرد في الخربة له باب من جريد النخل وإذا بكهل قاعد

مستقبل القبلة تخاله من الوله مكروبًا ومن الخشية محزونًا قد ظهرت في وجهه أحزانه وذهبت

من البكاء عيناه ومرضت أجفانه فسلمت عليه فرد السلام ثم تحرك فإذا هو أعمى أعرج

مسقام‏.‏ فقال لي‏:‏ يا أبا عامر غسل الله من درن الذنوب قلبك لم يزل قلبي إليك تواقًا وإلى

سماع الموعظة منك مشتاقًا وبي جرح بعدٍ قد أعيا الواعظين دواه وأعجز المتطببين شفاؤهوقد بلغني نفع مراهمك للجراح ةالآلام فلا تأل ورحمك الله في إيقاع الترياق وإن كان مرالمذاق فإني ممن يصبر على ألم الدواء رجاء الشفاء‏.‏ قال أبو عامر‏:‏ فنظرت إلى منظر بهرني

وسمعت كلامًا قطعني فأفكرت طويلًا ثم تأتى من كلامي ما تأتى وسهل من صعوبته مامنه

يرق لي‏.‏ فقلت‏:‏ يا شيخ ارم ببصر قلبك في ملكوت السماء وأجل سمع معرفتك في سكانالأرجاء وتنقل بحقيقة إيمانك إلى جنة المأوى فترى ما أعد الله فيها للأولياء ثم تشرف على

نار لظى فترى ما أعد فيها للأشقياء فشتان ما بين الدارين أليس الفريقان في الموت سواء

قال أبو عامر‏:‏ فأن أنةً وصاح صيحة وزفر والتوى وقال‏:‏ يا أبا عامر وقع والله دواؤك على

دائي وأرجو أن يكون عندك شفائي زدني رحمك الله‏.‏ فقلت له‏:‏ يا شيخ إن الله عالم بسريرتك مطلع على خفيتك شاهدك في خلوتك بعينه أين كنت عند استتارك من خلقه ومبارزته‏.‏ فصاح صيحة كصيحته الأولى‏.‏ ثم قال‏:‏ من لفقري من لفاقتي من لذنبي من لخطيئتي أنت مولاي وإليك منقلبي‏.‏ ثم خر ميتًا رحمه الله‏.‏ قال أبو عامر‏:‏ فأسقط في يدي وقلت‏:‏ ما جنيت على نفسي‏.‏ فخرجت إلي جارية عليها مدرعة صوف وخمار من صوف قد ذهب السجود بجبينها وأنفها وأصفر لطول القيام لونها وتورمت قدماها فقالت‏:‏ أحسنت والله يا حادي قلوب العارفين ومثير أشجان غليل المحزونين لا نسي لك هذا المقام رب العالمين يا أبا عامر هذا الشيخ والدي مبتلى بالسقم منذ عشر سنين صلى حتى أقعد وبكى حتىعمي وكان يتمناك على الله ويقول‏:‏ حضرت مجلس أبي عامر البناني فأحيا موات قلبي وطرد وسن نومي فإن سمعته ثانية قتلتني فجزاك الله من واعظ خيرًا ومتعك من كلمك بما أعطاك ثم أكبت على أبيها تقبل عينيه وهي تبكي وتقول‏:‏ يا أبي يا أبتاه يا من أعماه البكاء يا أبي يا أبتاه يا من قتله ذكر وعيد ربه ثم علا البكاء والنحيب والاستغفار ةالدعاء وجعلت تقول‏:‏ يا أبي يا أبتاه يا حليف الحرقة والبكاء‏.‏ يا أبي يا أبتاه يا قتيل الوعاظ والحكماء‏.‏ قال أبو عامر‏:‏ فأجبتها‏:‏ أيتها الباكية الجرباء والنادبة الثكلى إن أباك نحبه قد قضي وورد دار الجزاء وعاين كل ما عمل وعليه يحصى في كتاب عند ربي لا ينسى لمحسن فله الزلفى أو مسيء فوارد دار من أساء‏.‏ فصاحت الجارية كصيحة أبيها ثم جعلت ترشح عرقًا وخرجت مبادرًا إلى مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم وفرغت إلى الصلاة والدعاء والاستغفار والتضرع والبكاء حتى إذا كان عند صلاة العصر فجاءني الغلام الأسود فأذنني بجنازتيهما وقال‏:‏ احضر الصلاة عليهما ودفنتهما‏.‏ وسألت عنهما فقيل لي من ولد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم‏.‏ قال أبو عامر‏:‏ فما زلت جزعًا حذرًا مما جنيت حتى رأيتهما في المنام عليهما حلتان خضراوتان فقلت‏:‏

مرحبًا بكما وأهلًا فما زلت ** حذرًا بما وعظتكما به

أنت شريكي في الذي نلته ** مستأهلًا ذاك يا أبا عامر

وكل من أيقظ ذا غفلة ** فنصف مايعطاه للآمر

من رد عبدًا آبقا مذنبًا ** كان كمن قد راقب القاهر

واجتمعا في دار عدل **وفي جوارب سيد غافر  ثم دخلت سنة خمسين ومائة

فمن الحوادث فيها‏:‏ خروج بعض الأعاجم بخراسان في ثلاثمائة ألف مقاتل فغلبوا على عامة

خراسان فوجه المنصور خازم بن خزيمة إلى المهدي فولاه الحرب وضم إليه اثنين وعشرينألفًا‏.‏ ثم ضم إليه ستة آلاف من الجند متخيرين فالتقوا فقتل من المشركين أكثر من سبعين ألفًاوأسر أربعة عشر ألفًا فضربت أعناقهم ونجا ملك الأعاجم في جماعة لجأوا إلى جبل فحاصرهم المسلمون فنزلوا على حكمهم فحكموا بأن يؤسر الملك وأولاده ويعتق الباقون‏.‏ وقد قيل‏:‏ كان هذا في سنة إحدى وخمسين ومائة‏.‏ وفي هذه السنة‏:‏ عزل المنصور جعفر بن سليمان الهاشمي عن المدينة وولاها الحسن بن زيد بن علي‏.‏ وفيها‏:‏ حج بالناس عبد الصمد بن علي وكان العامل على مكة الطائف محمد بن إبراهيم بن محمد وعلى المدينة الحسن بن زيد العلوي

وعلى الكوفة محمد بن سليمان بن علي وعلى البصرة عقبة بن مسلم وعلى قضائها سواروعلى مصر يزيد بن حاتم‏. ‏ ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

حجاج بن أرطأة أبو أرطأة النخعي الكوفي

سمع عطاء بن أبي رباح وغيره‏.‏ وروى عنه‏:‏ سفيان الثوري وهشيم وبن المبارك ويزيد بن

هارون‏.‏ وكان من حفاظ الحديث ومن الفقهاء‏.‏ استفتي وهو ابن ست عشرة سنة‏.‏ وولي

القضاء بالبصرة إلا أنه كان مدلسًا يروي عن من لم يلقه فيرسل تارة عن مجاهد وتارة عن

الزهري ولم يلقهما وكان مع المنصور في بناء مدينته وتولى خطها ونصب قبلة مسجدها وكانفي هذا الرجل تيه كثير وكبر خارج عن الحد‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرني حمد بن محمد بن طاهر الدقاق قال‏:‏ أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبيد قال‏:‏ سمعت أبا قلابة يقول‏:‏ سمعت أبا عاصم يقول‏:‏ أول من ولي القضاء لبني العباس بالبصرة الحجاج بن أرطأة فجاء إلى حلقة البتي فجلس في عرض الحلقة وقيل له‏:‏ ارتفع إلى الصدر‏.‏ فقال أنا صدر حيث كنت‏.‏ قال‏:‏ وقال‏:‏ أنا رجل حبب إلي الشرف‏.‏ أخبرنا القزاز قال‏:‏ أخحبرنا أحمد بن علس بن ثابت قال‏:‏ أخبرني محمد بن جعفر بن علان قال‏:‏ أخبرنا مخلد بن جعفرقال‏:‏ حدثنا محمد بن جرير الطبري قال‏:‏ حدثت عن قيس بن الوليد قال‏:‏ سمعت أبا يوسف يقول‏:‏ كان الحجاج بن أرطأة لا يشهد جمعة ولا جماعة ويقول‏:‏ أكره مزاحمة الأنذال‏.‏ أخبرنا القزاز قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرني الأزهري قال‏:‏ حدثنا محمد بن العباس قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن معروف قال‏:‏ أخبرنا الحسين بن الفهم قال‏:‏ حدثنا محمد بن سعد قال‏:‏ كان الحجاج بن أرطأة في أصحاب أبي جعفر فضمه إلى المهدي فلم يزل معه حتى توفي بالري والمهدي بها يومئذ في خلافة أبي جعفر‏.‏ وكان ضعيفًا في الحديث‏.‏

عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح المكي

مولى أمية بن خالد‏.‏ وكان يكنى أبا الوليد وأبا خالد‏.‏ سمع من طاووس مسألة واحدة ومن

مجاهد حرفين في القراءات‏.‏ وسمع الكثير من عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار وابنالمنكدر وغيرهم‏.‏ روى عنه‏:‏ الأوزعي والثوري وابم المبارك وغيرهم‏.‏ وكان ثقة يقال إنه

أول من صنف الكتب وكان عطاء يقول‏:‏ ابن جريح سيد شباب أهل الحجاز وقيل له‏:‏ من

نسألك بعدك فقال‏:‏ هذا الفتى إن عاش يعني ابن جريج‏.‏ وقال عبد الرزاق‏:‏ كنت إذا رأيت

ابن جريج علمت أنه يخشى الله وما رأيت أحدًا أحسن صلاة منه‏.‏ وقال مالك‏:‏ كان ابن جريجصاحب ليل‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا علي بن محمد المعدل قال‏:‏ أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي قال‏:‏ حدثنا أحمد بن حنبل قال‏:‏ حدثنا عبد الرزاق قال‏:‏ أهل مكة يقولون أخذ ابن جريج الصلاة من عطاء وأخذ عطاء من أبي الزبير وأخذها أبو الزبير من أبي بكر وأخذها أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال عبد الرزاق‏:‏ وكان ابن جريج حسن الصلاة‏.‏ توفي في هذه السنة

هكذا قال يحيى بن سعيد ومكي بن إبراهيم وخليفة بن خياط‏.‏ وقال علي بن المديني‏:‏ سنة

إحدى وخمسين‏.‏ وقال أحمد بن عبد الله العجلي سنة تسع وأربعين‏.‏

عبد الملك بن سعيد بن أبجر المتطببأسند عن أبي الطفيل عامر بن وائلة وذر والشعبي وغيرهم‏.‏ وكان شديد الورع خصوصًا

في نطقه وكان من البكائين‏.‏ أخبرنا محمد بن أبي القاسم قال‏:‏ أخبرنا حمد بن أحمد قال‏:‏ أخبرناأحمد بن عبد الله الأصفهاني قال‏:‏ حدثنا محمد بن إبراهيم في كتابه قال‏:‏ حدثنا عبد الرحمن بنالحسن قال‏:‏ حدثنا موسى بن عبد الرحمن قال‏:‏ حدثنا حسن الجعفي عن عبد الملك بن أبجرعبد العزيز بن سليمان أبو محمد الراسبي أخبرنا محمد بن ناصر قال‏:‏ أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد قال‏:‏ أخبرنا هلال بن محمد قال‏:‏ حدثنا جعفر الخالدي قال‏:‏ حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق قال‏:‏ حدثنا محمد بن الحسين قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد العزيز بن سلمان قال‏:‏ سمعت دهثمًا وكان من العابدين يقول‏:‏ اليوم الذي كنت لا آتي فيه عبد العزيز أكون مغبونًا وأبطأت عليه ذات يوم ثم أتيته فقال‏:‏ ما الذي بطأ بك‏.‏ قلت‏:‏ خير‏.‏ قال‏:‏ على حال‏.‏ قلت‏:‏ شغلنا العيال كنت ألتمس لهم شيئًا‏.‏ قال‏:‏ فوجدته لهم قلت‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ هلم فلندع‏.‏ قال‏:‏ فدعا فأمنت ودعوت فأمن ثم نهضنا لنقوم فإذا والله الدنانير والدراهم تتناثر في حجورنا‏.‏ فقال‏:‏ دونكها‏.‏ ومضى ولم ياتفت إلي‏.‏ قال‏:‏ فأخذتها فإذا هي مائة دينار ومائة درهم‏.‏ قال محمد‏:‏ فقلت له‏:‏ ما صنعت بها قال احتبست قوت عيالي جمعة حتى لا يشغلني عن عبادته وشكره وخدمته فكرٌ في شيء من عرض الدنيا‏.‏ ثم أمضيتها والله في سبيل الله‏.‏ أخبرنا عبد اله بن علي ومحمد بن ناصر قالا‏:‏ أخبرنا طراد بن محمد قال‏:‏ أخبرنا علي بن بشران قال‏:‏ حدثنا ابن صفوان قال‏:‏ حدثنا أبو بكر بن عبيد قال‏:‏ حدثني محمد بن الحسين قال‏:‏ حدثني محمد بن عبد العزيز بن سلمان قال‏:‏ حدثني واقد الصفار قال‏:‏ دعا عبد العزيز بن سليمان يومًا لمقعد كان في مجلسه وأمن إخوته‏.‏ قال‏:‏ فو الله ما انصرف المقعد إلى أهله إلا ماشيًا على رجليه‏.‏ أخبرنا عبد الوهاب وعلي بن عمر قالا‏:‏ أخبرنا رزق الله قال‏:‏ أخبرنا محمد بن يوسف قال‏:‏ حدثنا الحسن بن صفوان قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن محمد قال‏:‏ حدثني محمد بن إدريس قال‏:‏ حدثنا محمد بن أبي الحواري قال‏:‏ حدثنا عبد العزيز بن عمير قال‏:‏ قيل لعبد العزيز الراسبي وكانت رابعة تسميه‏:‏ سيد العابدين ما يقي مما تلذ به قال‏:‏ سرداب أخلو فيه‏.‏

مقاتل بن سليمان بن بشر أبو الحسن البلخي

قدم بغداد فحدث بها عن عطية العوفي وسعيد المقبري والضحاك وعمرو بن شعيب وغيرهم‏.‏ وجمع تفاسير الناس فجعلها لنفسه وكان يروي عن الضحاك وقد مات الضحاك قبل مولد مقاتل بأربع سنين‏.‏ قال ابن عيينة‏:‏ قلت له‏:‏ لم تحدث عن الضحاك وقد زعموا أنك لم تسمع منه قال‏:‏ كان يغلق علي وعليه الباب‏.‏ قال ابن عيينة‏:‏ قلت في نفسي‏:‏ باب المدينة‏.‏

وكان أحمد بن سيار يقول‏:‏ مقاتل متهم متروك الحديث كان يتكلم في الصفات بما يحل‏.‏ وقال

وكيع‏:‏ كان مقاتل كذابًا فلم نسمع منه‏.‏ وقال أبو عبد الرحمن النسائي‏:‏ مقاتل من المعروفين

بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وقال البخاري‏:‏ مقاتل لا شيء البتة‏.‏

وقال أبو حفص عمر بم علي‏:‏ مقاتل كذاب متروك الحديث‏.‏ وكذلك قال الساجي‏.‏ توفي مقاتل مسعود الضرير أبو جهير البصريأخبرنا أحمد بن أحمد المتوكلي الهاشمي قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ حدثني عبد لله بن أبي الفتح الفارسي قال‏:‏ حدثني عبيد الله بن عثمان الدقاق قال‏:‏ حدثنا علي بن محمد الواعظ قال‏:‏ حدثنا علي بن عيسى أبو سعيد الخراز قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن عبد الله الختلي قال‏:‏ حدثنا محمد بن الحسين قال‏:‏ حدثنا شغيب بن محرز الأودي قال‏:‏ حدثنا صالح المري قال‏:‏ قال مالك بن دينار‏:‏ أغد علي يا صالح إلى الجبان فإني قد وعدت نفرًا من إخواني بأبي جهير مسعود الضرير‏.‏ فسلم عليه‏.‏ قال صالح المري‏:‏ وكان أبو جهيل هذا رجلًا قد انقطع إلى زاوية يتعبد فيها ولم يكن يدخل البصرة ألا يوم الجمعة في وقت الصلاة ثم يرجع من ساعته‏.‏ قال‏:‏ فغدوت إلى موعد مالك إلى الجبان فانتهيت إلى مالك وقد سبقني ومعه محمد بن واسع وإذا ثابت البناني وحبيب فلما رأيتهم قد اجتمعوا قلت‏:‏ هذا والله يوم سرور‏.‏ قال‏:‏ فانطلقنا نريد أبا جهير‏.‏ قال‏:‏ فكان مالك إذا مر بموضع نظيف قال‏:‏ يا ثابت صل ها هنا لعله يشهد لم غدًا‏.‏

قال‏:‏ فكان يصلي قال‏:‏ ثم انطلقنا حتى أتينا موضعه فسألنا عنه فقالوا‏:‏ الآن يخرج إلى الصلاة‏.‏

قال‏:‏ فانتظرنا فخرج علينا رجل إن شئت قلت‏:‏ قد نشر من قبره‏.‏ قال‏:‏ فوثب رجل فأخذ

بيده حتى أقامه عند باب المسجد فأمهل يسيرًا ثم دخل المسجد فصلى ما شاء الله ثم أقامالصلاة فصلينا معه فلما قضى صلاته جاس كهيئة المهموم فتوافد القوم في السلام عليه فتقدم محمد بن واسع فسلم عليه فرد عليه السلام وقال‏:‏ من أنت لا أعرف صوتك‏.‏ قال‏:‏ أنا من أهل البصرة‏.‏ قال‏:‏ ما اسمك يرحمك الله قال‏:‏ أنا محمد بن واسع‏.‏ قال‏:‏ مرحبًا وأهلًا أنت الذي يقول هؤلاء القوم وأومأ بيده إلى البصرة إنك أفضلهم لله أبوك إن قمت بشكر ذلك اجلس فجلس فقام ثابت البناني فسلم عليه فرد عليه وقال‏:‏ من أنت يرحمك الله قال‏:‏ أنا ثابت البناني‏.‏ فقال‏:‏ مرحبًا بك يا ثابت أنت الذي يزعم أهل هذه القرية أنك من أطراهم صلاة اجلس فقد كنت أتمناك على ربي‏.‏ فقام إليه حبيب أبو محمد فسلم عليه فرد السلام وقال‏:‏ من أنت يرحمك الله قال‏:‏ أنا حبيب أبو محمد‏.‏ فقال‏:‏ مرحبًا بك يا أبا محمد أنت الذي يزعم هؤلاء القوم أنك لم تسأل الله شيئًا إلا أعطاك ألا سألته أن يخفي لك ذلك اجلس يرحمك الله‏.‏ قال‏:‏ وأخذ بيده فأجلسه إلى جنبه‏.‏ قال‏:‏ فقام إليه مالك بن دينار فسلم عليه فرد عليه السلام وقال‏:‏ من أنت رحمك الله قال‏:‏ أنا مالك بن دينار‏.‏ قال‏:‏ بخ بخ أبو يحيى إن كنت كما يقولون أنت الذي يزعم هؤلاء أنك أزهدهم اجلس فالآن تمت أمنيتي على ربي في عاجل الدنيا‏.‏

قال صالح‏:‏ فقمت إليه لأسلم عليه فأقبل على القوم فقال‏:‏ انظروا كيف تكونون غدًا بين

يدي الله في مجمع القيامة‏.‏ قال‏:‏ فسلمت عليه فرد علي وقال‏:‏ من أنت يرحمك الله قلت‏:‏ صالحالمري‏.‏ قال‏:‏ أنت الفتى الفارسي أنت أبو معشر قلت‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فاقرأ يا صالح‏.‏ فابتدأت

فقرأت فما استتممت الاستعاذة حتى خرى مغشيًا عليه ثم أفاق فقال‏:‏ عد في قراءتك‏.‏ قال

صالح‏:‏ فعدت فقرأت‏:‏ ‏{‏وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورًا‏}‏‏.‏ قال‏:‏ فصاح

صيحة ثم انكب لوجهه وانكشف بعض جسده فجعل يخور كما يخور الثور ثم هدأ فدنونا

منه ننظر فإذا هو قد خرجت نفسه كأنه خشبة فخرجنا فسألنا‏:‏ هل له أحد قيل‏:‏ عجوز

تخدمه تأتيه الأيام فبعثنا إليها فجاءت فقالت‏:‏ ما له قلنا‏:‏ قرىء عليه القرآن فمات‏.‏ قالت‏:‏

حق له من ذا الذي قرأ عليه لعله صالح المري القارىء قلنا‏:‏ نعم وما يدريك من صالحقالت‏:‏ لا أعرفه غير أن كثيرًا مما كنت أسمعه يقول‏:‏ إن قرأ علي صالح قتلني‏.‏ قلنا‏:‏ فهو الذي قرأ عليه‏.‏ قالت‏:‏ هو الذي قتل حبيبي‏.‏ فهنأناه ودفناه رحمه الله‏.‏

النعمان بن ثابت أبو حنيفة التيمي

إمام أصحاب الرأي‏.‏ ولد سنة ثمانين رأى أنس بن مالك وسمع من عطاء بن أبي رباح وأبي

إسحاق السبيعي ومحارب بن دثار وحماد بن أبي سليمان ومحمد بن المنكدر ونافع مولى ابنعمر وهشام بن عروة وغيرهم‏.‏ وروى عنه‏:‏ هشيم وابن المبارك ووكيع ويزيد بن هارونوغيرهم‏.‏ وكان ربعة من الرجال تعلوه سمرة حسن الثياب كثير التعطر كريمًا‏.‏ وكان أول أمرهيبيع الخز ثم تشاغل بالعلم‏.‏ أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا الخلال قال‏:‏ أخبرنا علي بن عمر الجريري‏:‏ أن علي بن محمد النخعي حدثهم قال‏:‏ حدثنا الحسن بن أبي مالك عن أبي يوسف قال‏:‏ قال أبو حنيفة‏:‏ لما أردت أطلب العلم جعلت أتخير العلوم وأسأل عن عواقبها فقيل لي‏:‏ تعلم القرآن‏.‏ فقلت‏:‏ إذا تعلمت القرآن

وحفظته فما يكون آخر أمري قالوا‏:‏ تجلس في المسجد ويقرأ عليك الناس‏:‏ الصبيان والأحداث ثم لا تلبث أن تخرج منهم من هو أحفظ منك أو يساويك في الحفظ فتذهب رئاستك‏.‏ قلت‏:‏ فإن سمعت الحديث وكتبته حتى لم يبقى في الدنيا أحفظ مني قالوا‏:‏ إذا كبرت وضعفت حدثت واجتمع عليك الصبيان والأحداث ثم لا تأمن أن تغلط فيرمونك بالكذب فيصير عارًا عليك في عقبك‏.‏ فقلت‏:‏ لا حاجة لي في هذا‏.‏ ثم قلت‏:‏ أتعلم النحو فإذا حفظت النحو والعربية ما يكون آخر أمري قالوا‏:‏ تقعد معلمًا فأكثر رزقك ديناران إلى ثلاثة‏.‏ قلت‏:‏ وهذا لا عاقبة له‏.‏ قلت‏:‏ فإن نظرت في الشعر فلم يكن أحد أشعر مني ما يكون من أمري قالوا‏:‏ تمدح فيهب لك ويحملك على دابة ويخلع عليك خلعة وإن حرمك هجوته فصرت تقذف المحصنات‏.‏ فقلت‏:‏ لا حاجة لي في هذا‏.‏ قلت‏:‏ فإن نظرت في الكلام ما يكون آخره قالوا‏:‏ لا يسلم من نظره في الكلام من مشنعات الكلام فيرمى بالزندقة فإما أنك تأخذ فتقتل وإما تسلم فتكون مذمومًا ملومًا‏.‏ قلت‏:‏ فإن تعلمت الفقه قالوا‏:‏ تسأل فتفتي الناس وتطلب للقضاء وأن كنت شابًا‏.‏ قلت‏:‏ فليس في العلوم شيء أنفع من هذا‏.‏ فلزمت الفقه‏.‏

حدثنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا الصيمري قال‏:‏ حدثنا عمرو بن إبراهيم المقرىء قال‏:‏ حدثنا مكرم بن أحمد قال‏:‏ حدثنا أحمد بن محمد الحماني قال‏:‏ حدثنا الفضيل بن غانم قال‏:‏ كان أبو يوسف مريضًا شديد المرض فعاده أبو حنيفة مرارًا فصار إليه آخر مرة فرآه ثقيلًا فاسترجع وقال‏:‏ كنت أؤملك المسلمين بعدي ولئن أصيب الناس بك ليموتن معك علم كثير ثم رزق الله أبا يوسف العافية وأخبر بقول أبي حنيفة فيه فارتفعت نفسهوانصرفت وجوه الناس إليه فعقد لنفسه مجلسًا في الفقه وقصر عن لزوم مجلس أبي حنيفةفسأل عنه فأخبر أنه قد عقد لنفسه مجلسًا وأنه بلغه كلامك فيه فدعا رجلًا كان له عنده قدرٌ فقال‏:‏ صر إلى مجلس يعقوب فقل له‏:‏ ما تقول في رجل دفع إلى قصار ثوبًا ليقصره بدرهم

فصار إليه بعد أيام في طلب الثوب فقال له القصار‏:‏ ما لك عندي شيء‏.‏ وأنكره ثم أن رب الثوب رجع إليه فدفع له الثوب مقصورًا أله أجرة فإن قال له أجرة فقل أخطأت وإن قال لا أجرة له فقل أخطأت فصار إليه فسأله فقال أبو يوسف له الأجرة‏.‏ فقال‏:‏ أخطأت‏.‏ فنظر ساعةثم قال‏:‏ لا أجرة له‏.‏ فقال‏:‏ أخطأت‏.‏ فقام أبو يوسف من ساعته فأتى أبا حنيفة فقال له‏:‏ ماجاء بك إلا مسألة القصار‏.‏ قال‏:‏ أجل‏.‏ قال‏:‏ سبحان الله من قعد يفتي الناس وعقد مجلسًا يتكلم في دين الله وهذا قدره لا يحسن أن يجيب في مسألة من الإجارات‏.‏ فقال‏:‏ يا أبا حنيفة علمني‏.‏ فقال‏:‏ إن قصره بعد غصبه فلا أجرة له لأنه قصره لنفسه وإن كان قصره قبل أن يغصبه فله الأجرة لأنه قصره لصاحبه ثم قال‏:‏ من ظن أنه يستغني عن التعلم فليبك على نفسه‏.‏أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا القاضي أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني قال‏:‏ حدثنا أبو محمد الحسن بن أبي عبد الله السمناني قال‏:‏ حدثنا الحسين بن رحمة قال‏:‏ حدثنا محمد بن شجاع الثلجي قال‏:‏ حدثنا محمد بن سماعة عن أبي يوسف قال‏:‏ سمعت أبا حنيفة يقول‏:‏ إذا كلمت القدري فإنما هو حرفان إما أن يسكت وإما أن يكفر يقال له‏:‏ هل علم الله في سابق علمه أن تكون هذه الأشياء كما هي فإن قال‏:‏ لا فقد كفر وإن قال‏:‏ نعم يقال له‏:‏ أفأراد أن يكون كما علم أو أراد أن يكون بخلاف ما علم فإن قال‏:‏ أراد أن يكون كما علم فقد أقرأ نه أراد من المؤمن الإيمان ومن الكافر الكفر‏.‏ وإن قال‏:‏ أراد أن يكون بخلاف ما علم فقد جعل ربه متمنيا ‏"‏ متحسرا ‏"‏ لأن من أراد أن يكون ما علم أنه لا يكون أو يكون ما علم أنه يكون فإنه متمن متحسر ومن جعل ربه متمنيا ‏"‏ متحسرا ‏"‏ فهو كافر‏.‏ قال مؤلف الكتاب رحمه الله ‏"‏‏:‏ لا يختلف الناس في فهم أبي حنيفة وفقهه‏.‏ كان سفيان الثوري وابن المبارك يقولان‏:‏ أبو حنيفة أفقه الناس‏.‏ وقيل لمالك‏:‏ هل رأيت أبا حنيفة فقال‏:‏ رأيت رجلًا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبًا لقام بحجته‏.‏ قال الشافعي رحمة اللهعليه‏:‏ الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه‏.‏ قال مؤلف الكتاب‏:‏ وبعد هذا فاتفق الكل على الطعن فيه ثم انقسموا على ثلاثة أقسام‏:‏ فقوم طعنوا فيه لما يرجع إلى العقائد و الكلام في الأصول‏.‏ وقوم طعنوا في روايته وقلة حفظه وضبطه‏.‏ وقوم طعنوا لقوله الرأي فيما يخالف الأحاديث الصحاح‏.‏ فأما القسم الأول‏:‏ فأخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا علي بن محمد المعدل قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عمرو البختري الرزاز قال‏:‏ حدثنا حسن بن إسحاق قال‏:‏ حدثنا الحميدي قال‏:‏ حدثنا حمزة بن الحارث بن عمير عن أبيه قال‏:‏ سمعت رجلًا يسأل أبا حنيفة في المسجد عن رجل قال‏:‏ أشهد أن الكعبة حقٌ ولكنلا أدري هي هذه التي بمكة أم لا فقال‏:‏ مؤمن حقًا‏.‏ وسأله عن رجل قال‏:‏ أشهد أن محمدًا عبد الله نبي ولكن لا أدري هو هذا الذي قبره بالمدينة أم لا قال‏:‏ مؤمن حقًا‏.‏ قال الحميدي‏:‏ومن قال هذا فقد كفر‏.‏ أخبرنا القزاز قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال‏:‏ أخبرنا محمد بنالحسين بن الفضل قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال‏:‏ حدثنا يعقوب بن سفيان قال‏:‏ حدثني علي بن عثمان بن نفيل قال‏:‏ حدثنا أبو مسهر قال‏:‏ حدثنا يحيى بن حمزة‏:‏ أن أبا حنيفة قال‏:‏ لو أن رجلًا عبد هذا البغل يتقرب به إلى الله لم أر بذلك بأسًا‏.‏ أخبرنا القزاز قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج قال‏:‏ حدثنا أحمد بن محمد بن عبدوس قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن سعيد الدارمي قال‏:‏ حدثنا محبوب بن موسى الأنطاكي قال‏:‏ سمعت أبا إسحاق الفزاري يقول‏:‏ سمعت أبا حنيفة يقول‏:‏ إيمان أبي بكر الصديق وإيمان إبليس واحد قال إبليس‏:‏ يا رب‏.‏ وقال أبو بكر‏:‏ يا رب‏.‏ قال أبو إسحاق‏:‏ ومن كان من المرجئة ثم لم يقل هذا أنكر عليه قوله‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سليمان المؤدب قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن المقرىء قال‏:‏ حدثنا سلامة بن محمود قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن محمد بن عمر قال‏:‏ سمعت أبا مسهر يقول‏:‏ كان أبو حنيفة رأس المرجئة‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال‏:‏ المشهور عن أبي حنيفة أنه كان يقول بخلق القرآن ثم استتيب منه‏.‏ وأخبرنا الخلال قال‏:‏ حدثنا أحمد بن إبراهيم قال‏:‏ حدثنا عمر بن الحسن القاضي قال‏:‏ حدثنا العباس بن عبد العظيم قال‏:‏ حدثنا أحمد بن يونس قال‏:‏ كان أبو حنيفة في مجلس عيسى بن موسى فقال‏:‏ القرآن مخلوق‏.‏ فقال‏:‏ أخرجوه فإن تاب وإلا فاضربوا عنقه‏.‏ قال أبو بكر الحافظ‏:‏ وأخبرني الحسن بن محمد أخو الخلال قال‏:‏ أخبرنا جبريل بن محمد العدل قال‏:‏ أخبرنا محمد بن حيوية قال‏:‏ حدثنا محمود بنغيلان‏.‏ قال‏:‏ حدثنا يحيى بن آدم قال‏:‏ سمعت شريكًا يقول‏:‏ استتيب أبو حنيفة مرتين‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر الحافظ قال‏:‏ أخبرنا ابن رزق قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن جعفر بن سلمة قال‏:‏ حدثنا أحمد بن علي قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن سعيد قال‏:‏ حدثنا محبوب بن موسى قال‏:‏ سمعت يوسف بن أسباط يقول‏:‏ قال أبو حنيفة‏:‏ لو أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدركته لأخذ بكثير من قولي‏.‏ القسم الثاني‏:‏ أنهم ضعفوه لعلة حفظه وضبطه وكثرة خطأه فيما روى‏:‏ أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن عبد الله الأنماطي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن المظفر قال‏:‏ أخبرنا علي بن أحمد بن سليمان الصرفي قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن سعيد بن أبي مريم قال‏:‏ سألت يحيى بن معين عن أبي حنيفة قال‏:‏ لا تكتب حديثه‏.‏ أخبرنا القزاز قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ اخبرني علي بن محمد المالكي قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن عثمان الصفار قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عثمان الصيرفي قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن علي بن عبد الله المديني قال‏:‏ سألت عن أبي حنيفة فضعفه جدًا‏.‏ وقال‏:‏ روى خمسين حديثًا أخطأ فيها‏.‏ أخبرنا القزاز قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرنا ابن الفضل قال‏:‏ حدثنا محمد بن عثمان بن أحمد الدقاق قال‏:‏ حدثنا سهل بن أحمد الواسطي قال‏:‏ حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال‏:‏ أبو حنيفة ليس بالحافظ مضطرب الحديث واهي الحديث‏.‏ وقال أبو بكر ابن أبي داود‏:‏ جميع ما روى أبو حنيفة من الحديث مائة وخمسون حديثًا أخطأ أو قال‏:‏ غلط في نصفها‏.‏ القسم الثالث‏:‏ قوم طعنوا فيه لميله إلى الرأي المخالف للحديث الصحيح وقد كان بعض الناس يقيم عذره ويقول‏:‏ ما بلغه الحديث وذلك ليس بشيء لوجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أنه لا يجوز أن يفتي من يخفى عليه أكثر الأحاديث الصحيحة‏.‏ والثاني‏:‏ أنه كان إذا أخبر الأحاديث المخالفة لقوله لم يرجع عن قوله‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أو بكر أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرنا أبو سعيد بن محمد بن حيوية الأصفهاني قال‏:‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عيسى الخشاب قال‏:‏ حدثنا أحمد بن مهدي قال‏:‏ حدثنا أحمد بن إبراهيم قال‏:‏ حدثنا عبد السلام بن عبد الرحمن قال‏:‏ حدثنا إسماعيل بن عيسى بن علي الهاشمي قال‏:‏ حدثني أبوإسحاق الفزاري قال‏:‏ سألت أبا حنيفة عن مسألة فأجاب فيها فقلت‏:‏ إنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه كذا وكذا فقال‏:‏ حك هذا بذنب الخنزير‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال‏:‏ أخبرنا محمد بن أبي نصر النرسي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عمر بن بهتة البزاز قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن سعيد الكوفي قال‏:‏ حدثنا موسى بن هارون بن إسحاق قال‏:‏ حدثنا العباس بن عبد العظيم قال‏:‏ حدثني أبو بكر بن أبي الأسود عن بشر بن مفضل قال‏:‏ قلت لأبي حنيفة‏:‏ روى نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏ البائعان بالخيار ما لم يتفرقا ‏"‏ قال‏:‏ هذا زجر‏.‏ قلت‏:‏ قتادة عن أنس‏:‏ أن يهوديًا رضخ رأس جارية بين حجرين فرضح النبي صلى الله عليه وسلم رأسه بين حجرين‏.‏ وقال‏:‏ هذيان‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال‏:‏ أخبرنا البرقاني قال‏:‏ قرأت على محمد المحمودي‏:‏ حدثكم محمد بن علي الحافظ قال‏:‏ حدثنا إسحاق بن منصور قال‏:‏ أخبرنا عبدالصمد عن أبيه قال‏:‏ ذكر لأبي حنيفة قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏"‏ فقال‏:‏ هذا سجع‏.‏ وذكر له قولٌ قاله عمر فقال‏:‏ هذا قول شيطان‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرنا الخلال قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن عثمان الصفار قال‏:‏ حدثنا محمد بن مخلد قال‏:‏ حدثنا العباس بن محمد قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن شماس قال‏:‏ سمعت وكيعًا يقول‏:‏ سأل ابن المبارك أبا حنيفة عن رفع اليدين في الركوع فقال أبو حنيفة‏:‏ يريد أن يطير فيرفع يديه فقال له ابن المبارك‏:‏ إن كان طار في الأولى فإنه يطير في الثانية‏.‏ فسكت أبوحنيفة‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد المتوثي قال‏:‏ أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن بشر المرثدي قال‏:‏ أخبرنا رجاء بن السندي قال‏:‏ سمعت بشر بن السري يقول‏:‏ سمعت أبا عوانة يقول‏:‏ كنت جالسًا عند أبي حنيفة فأتاه رسول من قبل السلطان فقال‏:‏ يقول الأمير رجل سرق وديا فما ترى فقال‏:‏ غير متتعتع إن كانت قيمته عشرة دراهم فاقطعوه‏.‏ فذهب الرجل فقلت لأبي حنيفة‏:‏ ألا تتقي الله حدثني يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حيان عن رافع بن خديج‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ لا قطع في ثمر ولا كثر ‏"‏ أدرك الرجل فإنه يقطع‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏ غير متعتع ذاك حكم قد مضى فانتهى وقد قطع الرجل‏.‏ أخبرنا عبد الرحمن قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ حدثنا ابن دوما قال‏:‏ أخبرنا ابن أسلم قال‏:‏ حدثنا الأبار قال‏:‏ حدثنا محمد بن عجلان عن مؤمل قال‏:‏ سمعت حماد بن سلمة يقول‏:‏ أبو حنيفة يستقبل السنة يردها برأيه‏.‏ أخبرنا أبو منصور القزاز قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرنا البرقاني قال‏:‏ قرأت على أبي حفص بن الزيات قال‏:‏ حدثكم عمر بن محمد الكاغدي قال‏:‏ حدثنا أبو السائب قال‏:‏ سمعت وكيعًا يقول‏:‏ وجدنا أبا حنيفة خالف مائتي حديث‏.‏ أخبرنا القزاز قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن علي قال‏:‏ أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عثمان البجلي قال‏:‏ حدثنا عمر بن محمد بن عمر بن الفياض قال‏:‏ أخبرنا أبو طلحة أحمد بن عبد الكريم قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن حسن قال‏:‏ حدثنا أبو صالح الفراء قال‏:‏ سمعت يوسف بن أسباط يقول‏:‏ رد أبو حنيفة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة حديث أو أكثر‏.‏ فقلت له‏:‏ يا أبا محمد تعرفها قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أخبرني بشيء‏.‏ فقال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ للفرس سهمان وللراجل سهم ‏"‏ قال أبو حنيفة‏:‏ أنا لا أجعل سهم بهيمة أكثر من سهم المؤمن‏.‏ وأشعر رسول الله صلىالله علي وسلم وأصحابه البدن وقال أبو حنيفة‏:‏ الإشعار مثلة‏.‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا ‏"‏ وقال أبو حنيفة‏:‏ إذا وجب البيع فلا خيار‏.‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرع بين نسائه إذا أراد أن يخرج في سفره وأقرع أصحابه‏.‏ وقال أبو حنيفة‏:‏ القرعة قمار‏.‏ وقال أبو حنيفة‏:‏ لو أدركني النبي صلى الله عليه وسلم لأخذ بكثير من قولي وهل الدين إلا الرأي الحسن‏.‏ قال بعض العلماء‏:‏ العجب من أبي حنيفة كيف يقول وهل الدين إلا الرأي وهل يعلم أن كثيرًا من التكاليف لا يهتدي إليها القياس ولهذا يأخذ هو بالحديث الضعيف ويترك القياس‏.‏ فأما المسائل التي خالف فيها الحديث فكثيرة إلا أن من مشهورها الذي خالف فيه الصحاح‏:‏ مسألة‏:‏ بول الغلام الذي لم يأكل الطعام يرش وقال أبو حنيفة‏:‏ يغسل وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بصبي لم يأكل الطعام فبال فدعا بماء فرشه عليه‏.‏وقال أبو حنيفة‏:‏ يجوز وتطهر‏.‏ وفي صحيح مسلم‏:‏ من حديث أنس‏:‏ أن أبا طلحة سأل النبي

صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرًا فقال‏:‏ أهرقها‏.‏ قال‏:‏ أفلا أجعلها خلًا قال‏:‏ لا‏.‏

مسألة‏:‏ يجوز الآذان للفجر قبل طلوعه وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجوز‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أنه قال‏:‏ ‏"‏ إن بلال يؤذن بليلٍ فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم‏"‏‏.‏

مسألة‏:‏ إذا لم تقدر على الركوع والسجودلم يسقط عنه القيام وقال أبو حنيفة‏:‏ يسقط وفي صحيح البخاري‏:‏ عن عمران عن النبي صلى لله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏ صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنب ‏"‏‏.‏

مسألة‏:‏ يسن رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يسن‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث ابن عمر‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى تحاذي منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد رفع رأسه من الركوع ولا يرفع بين السجدتين‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث مالك بن الحويرث مثله‏.‏ وقد رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو عشرين صحابي‏.‏

مسألة‏:‏ إذا طلعت الشمس وهو في صلاة الصبح أتموقال أبو حنيفة تبطل صلاته‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث أبي هريرة‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها ومن أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصلاة ‏"‏‏.‏مسألة‏:‏ يجوز الوتر بركعة

وقال أبو حنيفة‏:‏ بثلاث‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث ابن عمر‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم كان يوتر بركعة‏.‏

مسألة‏:‏ تسن الصلاة للاستسقاء

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا تسن‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة

الاستسقاء‏.‏

مسألة‏:‏ ويجوز تحويل الرداء في صلاة الاستسقاء وقلبهوقال أبو حنيفة‏:‏ لا يسن‏.‏ وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك‏.‏

مسألة‏:‏ يستحب في غسل الميت شيء من كافور في الغسلة الأخيرة

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يستحب وفي الصحيحين‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للواتيمسألة‏:‏ يسن استلام الركن اليماني في الطواف وقال أبو حنيفة لا يسن‏.‏ وفي صحيح مسلم‏:‏ من حديث ابن عمر‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يستلم إلا الحجر الأسود والركن اليماني‏.‏

مسألة‏:‏ إشعار البدن وتقليدها سنة

و قال أبو حنيفة‏:‏ يكره الإشعار فإنه مثلة‏.‏ وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلمأشعر بدنته وقلدها‏.‏

مسألة‏:‏ يجوز بيع العرايا

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجوز‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث زيد بن ثابت‏:‏ أن رسول الله صلى اللهعليه وسلم رخص في بيع العرايا‏.‏

مسألة‏:‏ إذا اشترى مصراة ثبتت له خيار الفسخ

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يثبت‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث أبي هريرة‏:‏ أن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ لا تصروا الغنم ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن رضيهاأمسكها وإن سخطها ردها وصاعًا من تمرٍ ‏"‏‏.‏

مسألة‏:‏ لا يجوز بيع الكلب وإن كان معلمًاوقال أبو حنيفة‏:‏ يجوز‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب‏.‏

مسألة‏:‏ إذا أراق على ذمي خمرًا أو قتل له خنزيرًا لم يضمنوقال أبو حنيفة‏:‏ يضمن‏.‏ وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ إن الله حرمالخمر وثمنها‏.‏مسألة‏:‏ لا يقتل المسلم بالكافر

وقال أبو حنيفة‏:‏ يقتل بالذمي‏.‏ وفي صحيح البخاري من حديث علي رضي الله عنه‏:‏ عن

النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏ لا يقتل مسلم بكافر ‏"‏‏.‏

مسألة‏:‏ يجب القصاص في القتل بالمثل

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجب إلا فيما له حدٌ‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث أنس‏:‏ أن يهوديًا رضخ

رأس امرأة بين حجرين فقتلها فرضخ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه بين حجرين‏.‏مسألة‏:‏ إذا ضربت حامل فماتت

ثم انفصل عنها جنين ميت وجبت فيه الغرة

وقال أبو حنيفة لا شيء في الجنين وفي الصحيحين‏:‏ عن المغيرة أنه قال‏:‏ قضى رسول الله صلى مسألة‏:‏ الإسلام ليس بشرطٍ في الإحصان

وقال أبو حنيفة‏:‏ هو شرط‏.‏ وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رجم يهوديًا

ويهودية‏.‏مسألة‏:‏ النصاب في السرقة ربع دينار أو ثلاثة دراهم

وقال أبو حنيفة‏:‏ دينار أو عشرة دراهم‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث عائشة‏:‏ أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم كان يقطع في ربع دينار فصاعدًا‏.‏

مسألة‏:‏ إذا اطلع في بيت إنسان على أهله فله أن يرمي عينه فإن فقأها فلا ضمان عليه

وقال أبو حنيفة‏:‏ لزمه الضمان‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث سهل بن سعد قال‏:‏ اطلع رجل في

حجرة من حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه مدرى يحك به رأسه فقال‏:‏ ‏"‏ لو

أعلمك تنظر لطعنت به في عينيك ‏"‏‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ من اطلع على قوم في بيتهم بغير إذنهم فقد حل له أن يفقأوا عينه‏"‏‏.‏

مسألة‏:‏ الإمام مخير في الأسرى بين القتل والاسترقاق والمن الفداء قال أبو حنيفة لا يجوز المن والفداء‏.‏ وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من على ثمامة بن أثال وفدى الأسرى يوم بدر‏.‏

مسألة‏:‏ هدايا الأمراء كبقية أموال الفيء لا يختصون بها

وقال أبو حنيفة‏:‏ يختصون بها‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث أبي حميد‏:‏ أن رسول الله صلى الله

عليه وسلم استعمل رجلًا فجاء فقال‏:‏ هذا لكم وهذا أهدي إلي‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ ما بال العامل نبعثه فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه

فينظر أيهدى إليه أم لا والذي نفسي بيده لا يأتي أحدٌ منكم بشيء إلا جاء به يوم القيامة علىرقبته ‏"‏‏.‏

مسألة‏:‏ لا يجوز الزكاة بالسن والظفر

وقال أبو حنيفة‏:‏ بها إذا كانا منفصلين‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ منحديث رافع بن خديج قال‏:‏ قلت‏:‏يا رسول الله إن ملاقو العدو غدًا وليست معنا مدي‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏ ما أنهر الدم وذكر اسم اللهعليه فكل ليس السن والظفر ‏"‏‏.‏

مسألة‏:‏ يحل أكل الضبوقال أبو حنيفة‏:‏ لا تحل‏.‏ وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يحرم الضب وإنما قذره فإن خالد بن الوليد قال له وقد قدم إليه‏:‏ أحرام هو قال‏:‏ ‏"‏ لا ولكنه لا يكون بأرض قومي فأجدني أعافه ‏"‏ فأكل خالد ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر‏.‏

مسألة‏:‏ يحل أكل لحوم الخيل

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا تحل‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث جابر‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم نهى عن لحوم الحمر وأن في لحوم الخيل‏.‏مسألة النبيذ حرام

وقال أبو حنيفة‏:‏ إنما يحرم المسكر منه‏.‏ وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ كلمسكر حرام ‏"‏‏.‏ وفي حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏ ما أسكر الفرق منهفملء الكف منه حرام ‏"‏‏.‏

مسألة‏:‏ حكم الحاكم لا يحيل الشيء عن صفته

وقال أبو حنيفة‏:‏ يحيله في العقود والفسوخ‏.‏ وفي الصحيحين‏:‏ من حديث أم سلمة‏:‏ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع خصومة بباب حجرته فخرج إليهم فقال‏:‏ ‏"‏ إنما أنا بشر مثلكم

وإنه يأتيني الحكم فلعل بعضهم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه قد صدق فأقضي له بذلك مسألة‏:‏ يجوز الحكم بشاهد ويمينفي المال وما يقصد به المال

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجوز‏.‏ وقد روى جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد‏.‏ ورواه عمر وعلي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر وابن

عمرو وزيد بن ثابت وأبو حزم وأنس وبلال بن الحارث والمغيرة بن شعبة وسلمة بن قيسفي آخرين‏.‏ فهذا من مشهور المسائل والمتروك أضعافه ولكونه خالف مثل هذه الأحاديث

الصحاح سعوا بالألسن في حقه فلم يبق معتبر من الأئمة إلا تكلم فيه ولا يؤثر أن يذكر ما قالواوالعجب منه إذا رأى حديثًا لا أصل له هجر القياس ومال إليه كحديث‏:‏ نقض الوضوء بالضحك‏.‏ فإنه شيء لا يثبت وقد ترك القياس لأجله‏.‏ وكان ابن هيبرة قد أمر أبا حنيفة أن

يلي قضاء الكوفة فلم يفعل فضربه مائة سوط وعشرة أسواط كل يوم عشرة فلما رآه لا يفعل تركه‏.‏ ثم إن المنصور أراده على القضاء فأبى فحلف ليفعلن فحلف أبو حنيفة أن لا يفعل فقال الربيع‏:‏ ألا أمير المؤمنين يحلف فقال‏:‏ هو أقدر مني على الكفارة فسجنه‏.‏ وقيل‏:‏ بل دخلفي القضاء يومين ثم مرض ومات‏.‏ وقيل‏:‏ إنما حبس لأنه تكلم في أيام خروج إبراهيم على المنصور فحبس وتوفي بسوق يحيى سنة خمسين ومائة وهو ابن سبعين سنة‏.‏ وقرأت بخط أبي الوفاء بن عقيل‏:‏ كان قبر أبي حنيفة عليه خربشة رأيته وأنا صبي قبل دخول الغز بغداد ثم عمل عليه بعض أمراء التركمان سقفًا ثم قدم شرف الملك في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة فأحدث هذه القبة وكان قد وضع أساس مسجد بين يدي ضريح أبي حنيفة فهدم شرف الملك أبنيته وما يحيط بالقبر وحفروا أساسات وكانوا يطلبون الأرض الصلبة فأخرجوا أربعمائة صن من عظام الموتى‏.‏ قال ابن عقيل‏:‏ فقلت‏:‏ ما يدريكم لعله قد خرجت عظامه في هذه العظام وبقيت القبة فارغة من مقصود بانيها‏.‏ وأنبأنا علي بن عبيد الله عن أبي الحسين المهتدي قال‏:‏ لا يصح أن قبر أبو حنيفة في هذا الموضع الذي بنوا عليه القبة وكان الحاج يردون فيطوفون حول المقبرة يزورون أبا حنيفة لا يعينون موضعًا‏.‏